مساء الهودج
( اللحظة ذاتها.. تولد من جديد .. لتحيا مرة أخرى )
الأيادي متشابكة منهما .. كعناقيدِ العنب الأحمر , والأنفاسُ تصعد وتهبط بروية مالئةً السكون بضجة المشاعر الصامتة في تلك اللحظة .
ذاتها اللحظة كانت في مساء ذاك الهودج .
فحين تتشابهُ اللحظات فأنها تحضرُ جميعاً , تُعيد نفسها وتُرسِخ من أصالتها في كل تجدد لها على وتر الزمن الذي لا يستكين ولا يهدأ عزفه.
في مساء ذاك الهودج ..
كان القمرُ يرسل قُبلاته على وجه الأرض, والنجوم مبتسمةُ الوجنات تشهدُ رقصة النسمات على زهر الربيع الصاخب .. في لحظة إنتشاء.
بمحاذاة النهر .. كان الهودج يستقر , وعذوبة وصفاء ماء النهر المنحدر بتعاريج طويلة تُصير الرؤيا إلى زرقة بهية توشي بانتفاضة المشاعر المتأججة من صمتها, واندماجها مع لحظة إنتشاء الطبيعة الخلابة التي استوطنت فضاء الهودج.
الآن ..
كما مساء الهودج .. شاعرية الليل ورقصة الهواء الرشيقة وضوء القمر الخافت توشي بلحظة يولد فيها طيش المشاعر الممجد على وقع تهاليل الشوق المرتلة , في حضرة العشق المتخمر في أوردة الحياة .
أبان القمر المبتسم لهما وجه اللحظة الطائشة والقادمة من الهودج, فأزداد تشابك يديهما وأضطرب النَفسُ في رواحه وغدوه , ونأى الصمت إلى مقصلة فوضى الأحاسيس وتشبعت عناقيد العنب خمره وسكر في لحظة ارتواء , ولدت من ارتواء ذاك المساء.
في ذاك المساء ..
غنى البحرُ أغنية الحب العظيمة, وعزفت أمواجه تقاطيع الشوق والوجد والهيام , وقَبَلت قطراته الجمة وجه الشاطئ الجميل , فتصوفت لحظة الصمت .. وانحسرت إلى كهفها . وضج الهودج في لحظة عتقه .. بكل فوضى اللحظة .. وطيش اللحظة .. وصخب اللحظة .. يردد ..
أحبك .
الآن ..
أحبك
كما في مساء الهودج.